في هذا المقال تجد
العالم ما قبل زراعة الأعضاء
لماذا تزرع الأعضاء؟
مخاطر زراعة الأعضاء
تجربة مجنونة ونتائج مبهرة
العالم ما قبل زراعة الأعضاء
دعنا نرجع بالزمن لما قبل 1954، في تلك الحقبة كانت الإصابة في أي جزء من جسدك تعد نهاية مرحلة، في إذا كنت ممن أصابهم فشل إحدى الكليتين فعليك تقبل الواقع بأنك مضطر للاستكمال بواحدة فقط لما بقي من عمرك، غرغرينا في القدم إذا هيا لنقم ببترها ولتعش عاجزًا طيلة حياتك، تَلَف في القرنية إذا وداعًا للإبصار.
واستمر الوضع مأساويًا إلى أن غير الطبيب “جوزيف مورا” التاريخ
فعام 1954 شهد نجاح أول عملية زرع كلية من إنسان لآخر بدون عواقب ما بعد الزراعة، ومن تلك النقطة تغير المفهوم للأبد
لماذا تزرع الأعضاء؟
أصبحت عملية زراعة الأعضاء واقعًا ملموسًا يستفيد العالم به قدر الإمكان؛ فبدأت عمليات نقل وزراعة الأعضاء تنتشر لتصبح بديلًا عن الاستغناء عن الجزء المتضرر للأبد، وانتشرت وتنوعت عمليات الزراعة (قرنية – جلد – ساق – يد – كلية – نسج -…).
ولكن هل كان الموضوع بتلك السهولة؟
مخاطر زراعة الأعضاء
إن زراعة الأعضاء واجهت تحديًا كبيرًا وعقبةً صعبة.. أو الرفض
فحتى تضيف جزء خارجي غريب عن الجسم يجب على خلاياه أن تقبله وتتعرف عليه، وبدون ذلك تُلاقي الخلايا المناعية النسيج الجديد بالرفض التام :معتبرة إياه جسم متطفل غريب فتعامله معاملة الميكروب أو الطفيل مطلقةً العنان لمضاعفات تتمثل في
- ارتفاع درجة الحرارة عن 37.8 درجة مئوية
- اليرقان “jaundice“، أي اصفرار الجلد وبياض العينين
- لون البول داكن
- حكة الجلد
- انتفاخ وألم في البطن وخاصة المنطقة اليمنى العلوية
- تعب شديد
- صداع
لذا كان التحدي الأكبر للعملاء هو التغلب على تلك العقبة، وجرى ذلك ببعض الحلول منها اشتراط بعض الشروط لضمان ضعف نسب الرفض
فالبعض اشترط على المتبرع أن يكون بعمر محدد (أقل من 65 في بعض الحالات)
ألا يكون حاملًا لأمراض مُعدية كالسُّل أو التهاب الكبد الوبائي
ألا يكون مصابًا بالضغط أو السكري بدرجة شديدة
تطابُق فصائل الدم بين المتبرع والمتلقي
والبعض اتجه لإيقاف المصدر، فاضطر لإضعاف وتثبيط الجهاز المناعي للمتلقي حتى يحدّ من خطورة الرفض ومضاعفاته، والذي كان يؤدي في الأخير إلى إصابة المتلقي بأي مرض يقابله فكان فيروس بسيط مثل الإنفلونزا يجعله طريح الفراش منهكًا إذا لم يلتزم بالأدوية المعطاة كالمضادات الحيوية وما إلى ذلك
تجربة مجنونة ونتائج مبهرة
ووسط كل تلك العقبات جاءت تجربة مجنونة تخطّت الكل
أبطالها هم جراحون أمريكيون، مريضة متوفاة دماغيًا، وخنزير مُعدَّل وراثيًا
في أكتوبر 2021، نجح الجراحون في زرع كلية خنزير في جسم بشري دون أن يرفض جهاز المناعة في جسم المتلقي العضو المزروع، أُجريت العملية بعدما ظهرت على المريضة علامات ضعف في وظائف الكلى ووافقت أسرتها على التجربة قبل أن يتم رفعها من على أجهزة الإبقاء على قيد الحياة، وتمت العملية بعد تعديل جينات الخنزير بحيث لم تعد أنسجته تحتوي على جزء معروف بأنه سيؤدي في الأغلب لرفض الجسم للعضو المزروع على الفور.
حدث غير مسبوق ونجاح مبهر أعلنه الجراح المسئول عن الزراعة “روبرت مونتجومري”، حيث صرح بأن نتائج اختبار وظائف الكلى المزروعة بدت طبيعية إلى حد كبير ومستوى الكرياتينين غير الطبيعي لدى المتلقية -وهو مؤشر على ضعف الكلية- عاد إلى طبيعته بعد العملية
إنجاز غيًّر كل المعطيات، نجاح للعلم قفز به فوق تخوفات وتساؤلات عديدة، “نقلٌ من إنسان لإنسان يعد من الأصعب في شروطه فماذا عن متبرع حيوان؟!” “هل سنتجاوز المضاعفات بتلك السهولة؟” “نظرية التعديل الوراثي في الحيوان للمطابقة كافية للتغلب على الجهاز المناعي؟” “من سيسمح لفرد من عائلته بتجربة مجنونة كتلك؟!”، والعديد من تلك الأسئلة والمثبطات التي تغلّب عليها العلم والتجربة والمحاولة، محاولةٌ لخلق حياةٍ أفضل لأولئك الذين عانوا كثيرًا من انتظار متبرع أو مغالاة الثمن أو رفض الجسم بعد كل تلك الشروط.